فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال القاضي أبو محمد: وهذا غير صحيح الإسناد، وإنما الوجه في قولهم {من مرقدنا} أنها استعارة وتشبيه، كما تقول في قتيل هذا مرقده إلى يوم القيامة، وفي كتاب الثعلبي: أنهم قالوا {من مرقدنا} لأن عذاب القبر كان كالرقاد في جنب ما صاروا إليه من عذاب جهنم، وقال الزجاج: يجوز أن يكون هذا إشارة إلى المرقد، ثم استأنف بقوله، {ما وعد الرحمن} ويضمر الخبر حق أو نحوه، وقال الجمهور: ابتداء الكلام {هذا ما وعد الرحمن} واختلف في هذه المقالة من قالها، فقال ابن زيد: هي من قول الكفرة أي لما رأوا البعث والنشور الذي كانوا يكذبون به في الدنيا قالوا {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} وقالت فرقة: ذلك من قول الله تعالى لهم على جهة التوبيخ والتوقيف، وقال الفراء: هو من قول الملائكة، وقال قتادة ومجاهد: هو من قول المؤمنين للكفرة على جهة التقريع، ثم أخبر تعالى أن أمر القيامة والبعث من القبور ما هو {إلا صيحة واحدة} فإذا الجميع حاضر محشور، وقرأت فرقة {إلا صيحةً} بالنصب، وقرأ فرقة فرقة {إلا صيحةٌ} بالرفع، وقد تقدم إعراب نظيرها، وقوله: {فاليوم} نصب على الظرف، ويريد يوم القيامة، والحشر المذكور وهذه مخاطبة يحتمل أن تكون لجميع العالم.
{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)}.
هذا إخبار من الله عز وجل عن حال أهل الجنة بعقب ذكر أهوال يوم القيامة وحالة الكفار، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وطلحة وخالد بن إلياس {في شُغْل} بضم الشين وسكون الغين، وقرأ الباقون {في شُغُل} بالضم فيهما وهي قراءة أهل المدينة والكوفة، وقرأ مجاهد وأبو عمرو أيضًا بالفتح فيهما، وقرأ ابن هبيرة على المنبر {في شَغْل} بفتح الشين وسكون الغين وهي كلها بمعنى واحد، واختلف الناس في تعيين هذا الشغل، فقال ابن مسعود وابن عباس وابن المسيب: في افتضاض الأبكار، وحكى النقاش عن ابن عباس سماع الأوتار، وقال مجاهد معناه نعيم قد شغلهم.
قال القاضي أبو محمد: وهذا هو القول الصحيح وتعيين شيء دون شيء لا قياس له، ولما كان النعيم نوعًا واحدًا هو نعيم وحده فقال: {في شغل} ولو اختلف لقال في أشغال، وحكى الثعلبي عن طاوس أنه قال: لو علم أهل الجنة عمن شغلوا ما همهم ما شغلوا به، قال الثعلبي: وسئل بعض الحكماء عن قوله عليه السلام «أكثر أهل الجنة البله» فقال: لأنهم شغلوا بالنعيم عن المنعم، وقرأ جمهور الناس {فاكهون} معناه أصحاب فاكهة كما تقول لابن وتامر وشاحم ولاحم، وقرأ أبو رجاء ومجاهد ونافع أيضًا وأبو جعفر {فكهون} ومعناه طربون وفرحون مأخوذ من الفكاهة أي لا همّ لهم، وقرأ طلحة والأعمش وفرقة {فاكهين} جعلت الخبر في الظرف الذي هو قوله: {في شغل} ونصب {فاكهين} على الحال، وقوله تعالى: {هم} ابتداء و{أزواجهم} و{في ظلال} خبره ويحتمل أن يكون {هم} بدلًا من قوله: {فاكهون} ويكون قوله: {في ظلال} في موضع الحال كأنه قال مستظلين، وقرأ جمهور القراء {في ظلال} وهو جمع ظل إذ الجنة لا شمس فيها وإنما هواؤها سجسج كوقت الأسفار قبل طلوع الشمس، ويحتمل قوله: {في ظلال} أن يكون جمع ظلة قال أبو علي كبرمة وبرام وغير ذلك، وقال منذر بن سعيد: {ظلال} جمع ظلة بكسر الظاء.
قال القاضي أبو محمد: وهي لغة في ظلة، وقرأ حمزة والكسائي {في ظلل} وهي جمع ظلة وهي قراءة طلحة وعبد الله وأبي عبد الرحمن، وهذه عبارة عن الملابس والمراتب من الحجال والستور ونحوها من الأشياء التي تظل، وهي زينة، و{الأرائك} السرر المفروشة، قال بعض الناس: من شروطها أن تكون عليها حجلة وإلا فليست بأريكة، وبذلك قيدها ابن عباس ومجاهد والحسن وعكرمة، وقال بعضهم: الأريكة السرير كان عليه حجلة أو لم يكن، وقوله تعالى: {ولهم ما يدعون} بمنزلة ما يتمنون قال أبو عبيدة: العرب تقول: ادع علي ما شئت بمعنى تمن علي، وتقول: فلان فيما ادعى أي فيما دعى به لأنه افتعل من دعا يدعو وأصل هذا يدتعيون نقلت حركة الياء إلى العين وحذفت الياء لاجتماعها مع الواو الساكنة فصار يدتعون قلبت التاء دالًا فأدغمت الدال فيها وخصت الدال بالبقاء دون التاء لأنها حرف جلد، والتاء حرف همس.
قال الرماني: المعنى أن من ادعى شيئًا فهو له لأنهم قد هذبت طباعهم فلا يدعون إلا ما يحسن منهم، وقوله تعالى: {سلام} قيل: هي صفة لما أي مسلم لهم وخالص، وقيل: هو ابتداء، وقيل؛ هو خبر ابتداء، وقرأ ابن مسعود وأبي بن كعب وعيسى الثقفي والغنوي {سلامًا} بالنصب على المصدر، وقرأ محمد بن كعب القرطبي {سلم} وهو بمعنى سلام، و{قولًا} نصب على المصدر وقوله تعالى: {وامتازوا اليوم} الآية فيه حذف تقديره ونقول للكفرة وهذه معادلة لقوله لأصحاب الجنة {سلام} {وامتازوا} معناه انفصلوا وانحازوا لأن العالم في الموقف إنما هم مختلطون. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)}.
الضمير في {لهم} لقريش، و{ما بين أيديكم} قال قتادة ومقاتل: عذاب الأمم قبلكم، {وما خلفكم} عذاب الآخرة.
وقال مجاهد: عكسه.
وقال الحسن: خوفوا بما مضى من ذنوبهم وما يأتي منها.
وقال مجاهد أيضًا، كقول الحسن: {ما تقدم من} ذنوبكم وما تأخر، {لعلكم ترحمون}.
وجواب إذا محذوف يدل عليه ما بعده، أي أعرضوا.
{وما تأتيهم من آية} أي دأبهم الإعراض عند كل آية تأتيهم.
{وإذا قيل لهم أنفقوا} لما أسلم حواشي الكفار من أقربائهم ومواليهم من المستضعفين، قطعوا عنهم ما كانوا يواسونهم به، وكان ذلك بمكة أولًا قبل نزول آيات القتال، فندبهم المؤمنون إلى صلة قراباتهم فقالوا: {أنطعم من لو شاء الله أطعمه}.
وقيل: سحق قريش بسبب أذية المساكين من مؤمن وغيره، فندبهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة عليهم، فقالوا هذا القول.
وقيل: قال فقراء المؤمنين: أعطونا ما زعمتم من أموالكم، إنها لله، فحرموهم وقالوا ذلك على سبيل الاستهزا.
وقال ابن عباس: كان بمكة زنادقة، إذا أمروا بالصدقة قالوا: لا والله، أيفقره الله ونطمعه نحن؟ أو كانوا يسمعون المؤمنين يعلقون الأفعال بمشيئة الله: لو شاء الله لأغنى فلانًا، ولو شاء لأعزه، ولو شاء لكان كذا، فأخرجوا هذا الجواب مخرج الاستهزاء بالمؤمنين وبما كانوا يقولون.
وقال القشيري: نزلت في قوم من الزنادقة لا يؤمنون بالصانع، استهزاء بالمسلمين بهذا القول.
وقال الحسن: {وإذا قيل لهم} أي اليهود، أمروا بإطعام الفقراء.
وجواب لو نشاء قوله: اطعمهم، وورود الموجب بغير لام فصيح، ومنه: {أن لو نشاء أصبناهم} {لو نشاء جعلناه أجاجًا} والأكثر مجيئه باللام، والتصريخ بالموضعين من الكفر والإيمان دليل على أن المقول لهم هم الكافرون، والقائل لهم هم المؤمنون، وأن كل وصف حامل صاحبه على ما صدر منه، إذ كل إناء بالذي فيه يرشح.
وأمروا بالانفاق {مما رزقكم الله} وهو عام في الإطعام وغيره، فأجابوا بغاية المخالفة، لأن نفي إطعامهم يقتضي نفي الإنفاق العام، فكأنهم قالوا: لا ننفق، ولا أقل الأشياء التي كانوا يسمحون بها ويؤثرون بها على أنفسهم، وهو الإطعام الذي به يفتخرون، وهذا على سبيل المبالغة.
كمن يقول لشخص: أعط لزيد دينارًا، فيقول: لا أعطيه درهمًا، فهذا أبلغ لا أعطيه دينارًا.
والظاهر أن قوله: {إن أنتم إلا في ضلال مبين} من تمام كلام الكفار يخاطبون المؤمنين، أي حيث طلبتم أن تطعموا من لا يريد الله إطعامه، إذ لو أراد الله إطعامه لأطعمه هو.
ويجوز أن يكون من قول الله لهم استأنف زجرهم به، أو من قول المؤمنين لهم.
ثم حكي تعالى عنهم ما يقولون على سبيل الاستهزاء والتعجيل: لما توعدون به؟ أي متى يوم القيامة الذي أنتم توعدوننا به؟ أو متى هذا العذاب الذي تهددوننا به؟ وهو سؤال على سبيل الاستهزاء منهم لما أمروا بالتقوى، ولا يتقي إلا مما يخاف، وهم غير مؤمنين.
سألوا متى يقع هذا الذي تخوفونا به استهزاء منهم.
{ما ينظرون} أي ما ينتطرون.
ولما كانت هذه الصيحة لابد من وقوعها جعلوا كأنهم منتظروها، وهذه هي النفخة الأولى تأخذهم فيهلكون، وهم يتخاصمون، أي في معاملاتهم وأسواقهم، في أماكنهم من غير إمهال لتوصية، ولا رجوع إلى أهل.
وفي الحديث: «تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه، فما يطويانه حتى تقوم، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه، والرجل يرفع أكلته إلي فيه، فما تصل إلي فيه حتى تقوم» وقيل: لا يرجعون إلى أهلهم قولًا؛ وقيل: ولا إلى أهلهم يرجعون أبدًا.
وقرأ أبي: {يختصمون} على الأصل؛ والحرميان، وأبو عمرو، والأعرج، وشبل، وابن فنطنطين: بإدغام التاء في الصاد ونقل حركتها إلى الخاء؛ وأبو عمرو أيضًا، وقالون: يخالف بالاختلاس وتشديد الصاد، وعنهما إسكان الخاء وتخفيف الصاد من خصم؛ وباقي السبعة: بكسر الخاء وشد الصاد؛ وفرقة: بكسر الياء إتباعًا لكسرة الخاء وشد الصاد.
وقرأ ابن محيصن: {يرجعون} بضم الياء وفتح الجيم.
وقرأ الأعراج: {في الصور} ، بفتح الواو؛ والجمهور: بإسكانها.
وقرئ: {من الأجداف} ، بالفاء بدل الثاء.
وقرأ الجمهور: بالثاء، و{ينسلون} ، بكسر السين؛ وابن أبي إسحاق، وأبو عمرو: بخلاف عنه بضمها.
وهذه النفخة هي الثانية التي يقوم الناس أحياء عنها.
ولا تنافر بين {ينسلون} وبين {فإذا هم قيام ينظرون} لأنه لا ينسل إلا قائمًا، ولأن تفاوت الزمانين يجعله كأنه زمان واحد.
وقرأ ابن أبي ليلى: {يا ويلتنا} بتاء التأنيث؛ وعنه أيضًا: يا ويلتى، بالتاء بعدها ألف بدل من ياء الإضافة، ومعنى هذه القراءة: أن كل واحد منهم يقول يا ويلتى.
والجمهور: و{من بعثنا} من استفهاما، وبعث فعل ماض؛ وعلي، وابن عباس، والضحاك، وأبو نهيك: من حرف جر، وبعثنا مجرور به.
والمرقد: استعارة عن مضجع الميت، واحتمل أن يكون مصدرًا، أي من رقادنا، وهو أجود.
أو يكون مكانًا، فيكون المفرد فيه يراد به الجمع، أي من مراقدنا.
وما روي عن أبيّ بن كعب ومجاهد، وقتادة: من أن جميع البشر ينامون نومة قبل الحشر، فقالوا: هو غير صحيح الإسناد.
وقيل: قالوا من مرقدنًا، لأن عذاب القبر كان كالرقاد في جنب ما صاروا إليه من عذاب جهنم.
والظاهر أن هذا ابتداء كلام، فقيل: من الله، وعلى سبيل التوبيخ والتوقيف على إنكارهم.
وقال الفراء: من قول الملائكة.
وقال قتادة، ومجاهد: من قول المؤمنين للكفار، على سبيل التقريع.
وقال ابن زيد: من قول الكفرة، أو البعث الذي كانوا يكذبون به في الدنيا، قالوا ذلك.
والاستفهام بمن سؤال عن الذي بعثهم، وتضمن قوله: {هذا ما وعد الرحمن} ذكر الباعث، أي الرحمن الذي وعدكموه، وما يجوز أن تكون مصدرية على سمة الموعود، والمصدر فيه بالوعد والصدق، وبمعنى الذي، أي هذا الذي وعده الرحمن. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله الله تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا على قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مّنَ السماء} يعني: من بعد حبيب النجار {مِن جُندٍ} من السماء، يعني: الملائكة {وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} يعني: لم نبعث إليهم أحدًا {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة} يعني: ما كانت إلا صيحة جبريل عليه السلام {فَإِذَا هُمْ خامدون} يعني: ميتون لا يتحركون {خامدون ياحسرة عَلَى العباد} يعني: يا ندامة على العباد في الآخرة.
يعني: يقولون: يا حسرتنا على ما فعلنا بالأنبياء عليهم السلام {مَا يَأْتِيهِمْ مّن رَّسُولٍ} في الدنيا {إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
ثم خوّف المشركين بمثل عذاب الأمم الخالية ليعتبروا فقال: {أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا} يعني: ألم يعلموا؟ ويقال: ألم يخبروا كم أهلكنا {قَبْلَهُمْ مّنَ القرون} يعني: كم عاقبنا من القرون الماضية {أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} إلى الدنيا {وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} قرأ عاصم، وحمزة، وابن عامر، بتشديد الميم.
وقرأ الباقون بالتخفيف.
فمن قرأ بالتشديد فمعناه: وما كل إلا جميع.
ومن قرأ بالتخفيف فما زائدة ومؤكدة.
والمعنى وإن كل لجميع لدينا محضرون.
يعني: يوم القيامة محضرون عندنا، ثم وعظهم كي يعتبروا من صنعه، فيعرفوا توحيده.
قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ} يعني علامة وحدانيته {الأرض الميتة أَحْيَيْنَاهَا} يغني الأرض اليابسة أحييانها بالمطر لتنبت {وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا} يعني الحبوب كلها {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا} يعني وخلقنا في الأرض {جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} يعني البساتين والكروم {وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ العيون} يعني أجرينا في الأرض الأنهار تخرج ن العيون {لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ} يعني من الثمرات {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِم} يعني لم تعمل أيديهم، ويقال: والذي عملت أيديهم مما يزرعون {أَفَلاَ يَشْكُرُونَ} رب هذه النعم فيوحدوه، وقرأ حمزة والكسائي {ثَمَرِهِ} بالضم.
وقرأ الباقون بالنصب.
والثَّمر بالنصب، جماعة الثمرة.
والثمرات جمع الجمع وهو الثمر، مثل كتاب وكتب.
والثُّمر بالضم جمع الثمار.
قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: {وَمَا عَمِلَتْ} بغير هاء.
وقرأ الباقون بالهاء.
ومعناهما واحد.
ثم قال: {أَفَلاَ يَشْكُرُونَ} اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الأمر، يعني: اشكروا رب هذه النعم ووحدوه.
ثم قال عز وجل: {سبحان الذي خَلَق الازواج كُلَّهَا} يعني: تنزيهًا لله عز وجل الذي خلق الأصناف كلها {مِمَّا تُنبِتُ الأرض} يعني: ألوانًا من النبات والثمار.
ففي كل شيء خلق الله تعالى دليلًا على وحدانيته تعالى وربوبيته {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ} يعني: خلق من جنسهم أصناف الذكر والأنثى، وألوانًا مختلفة {وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} يعني: وخلق من الخلق ما لا يعلمون، وهذا كقوله: {والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 8].
ثم ذكر لهم دلالة أخرى ليعتبروا بها، فقال عز وجل: {وَءايَةٌ لَّهُمُ الليل} يعني: علامة وحدانيته الليل {نَسْلَخُ مِنْهُ النهار} يعني: نخرج ونميز منه النهار {فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ} يعني: داخلون في الظلمة.